تلميذ فرنسا… ثم تلميذ المغرب

حين نجد أن تلميذ فرنسا يستطيع رفع لافتة بوجه وزير غير مرغوب فيه زار مؤسسته ، مكتوب عليها "أغرب عن مؤسستي …" فذلك له الكثير من الدلالات فمن جهة يدل على الارتباط الوثيق بين التلميذ و مؤسسته…ومن جهة أخرى إطلاعه على مسار السياسة و السياسيين في بلده مما يكسبه مهارة التمييز بين الغث و السمين ،وبالتالي اكتسب جرأة الرفض و المعارضة المثمرة…ذلك لم يأتي من فراغ و إنما جاء نتاج تظافر الكثير من العوامل، منها البيئة المحيطة بالتلميذ: كالإعلام الهادف و الأسر المتحررة من سلطان الخوف و الترهيب… و المناهج التعليمية التي تتعامل مع التلميذ باحترام على أساس أنه ذخيرة الغد و أنه سر التنمية المستدامة … ومجتمع متعلم يقدر قيمة العلم و طرق اكتسابه ورجاله… في المقابل نجد تلميذ المغرب بالكاد يرفع سبابته أمام أستاذه للمشاركة داخل القسم…و إن شارك في مظاهرة أو احتجاج بدأ بتكسير مؤسسته أولا…وذلك له دلالة واحدة لا غير؛ كره التلميذ الشديد للمؤسسة التعليمية…و الذي جاء نتاج تراكم الكثير من العوامل السلبية… فالبيئة المحيطة بالتلميذ مصابة بأمراض مزمنة مستعصية على العلاج…متمثلة في إعلام يلهث خلف البرامج التافهة التي كلها ترفع شعار "كلشي بخير…و العام زين" ومسلسلات موغلة في أحلام رومانسية…أما الأسرة فهمها الوحيد لقمة العيش المرة و إن التفتت للتلميذ فمن بابين؛ باب النصح الخالد عبر أجيال متلاحقة:"ثلاثة لا لعب معهم المخزن و النار و الماء" أو من باب التثبيط "مشات القراية مع صحابها…مبقى غير اللعب …"…ثم المناهج التعليمية التي يعتبر واضعوها أن التلميذ ما هو إلا فأر اختبار أو سلة مهملات تكب فيها مناهج الأخر الفاسدة…أضف إلى ذلك مجتمع نصفه أمي ،عشش الخوف في دواخل نفسه فسلبه إرادته…ثم أحزاب و تنظيمات تتهافت على التلميذ لكي يكون لها وعاءا خصبا لنقل أفكارها وورقة ضغط قوية بوجه خصومها…إن كان تلميذ فرنسا مستبشر بمستقبله فإن تلميذ المغرب لا يجد ما يبشره بخير…فمن سبقه في الطريق تنهش جسده هراوة المخزن أو قاعة الانتظار أو إدمان المخدرات أو ظلمة بحر الهجرة